بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
مقدمة
يقول الله تعالى في سورة القيامة:
"أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)".
هذه الآية تشير إلى قدرة الله على إعادة خلق الإنسان بدقة متناهية، حتى أصغر أجزائه مثل البنان (الأصابع). أثار بعض الملحدين شبهة حول هذه الآية، متسائلين عن وجود حالات نادرة يولد فيها بعض الأشخاص بدون بصمات أصابع (مثل مرض "أدرماتوغليفيا")، وهل يتعارض ذلك مع الآية؟
الشبهة المثارة
الملحد يدعي أن الإشارة إلى البنان في الآية جاءت بسبب الوزن الشعري فقط، وليس للإشارة إلى أي تفصيل علمي.
يذكر أن هناك حالات استثنائية يولد فيها أشخاص بدون بصمات أصابع، ويعتبر ذلك تناقضًا مع الآية.
يشير إلى أن القرآن لم يكن الأول في الحديث عن بصمات الأصابع، حيث كانت معروفة قبل الإسلام في حضارات قديمة مثل بابل ومصر والصين.
الردود المفصلة على الشبهة
1. تفسير الآية الكريمة
الآية الكريمة تشير إلى قدرة الله المطلقة على إعادة خلق الإنسان بكل تفاصيله الدقيقة، حتى أصغر أجزاء جسمه مثل البنان.
البنان هو طرف الإصبع، وذكره في الآية يعبر عن الدقة المتناهية في إعادة الخلق، لأن الأصابع من أدق أجزاء الجسم وأكثرها تميزًا.
الهدف الأساسي من الآية هو التأكيد على قدرة الله على البعث والخلق، وليس تقديم معلومة علمية تفصيلية عن بصمات الأصابع.
2. الحالات النادرة مثل "أدرماتوغليفيا"
الأشخاص الذين يولدون بدون بصمات أصابع يعانون من اضطراب وراثي نادر جدًا يسمى "أدرماتوغليفيا".
هذه الحالات تمثل استثناءً نادرًا ولا تنفي القاعدة العامة، وهي أن جميع البشر يمتلكون بصمات أصابع مميزة.
وجود هذه الحالات هو جزء من خلق الله وحكمته، ولا يتعارض مع قدرة الله على إعادة خلق الإنسان يوم القيامة.
3. الإعجاز في ذكر البنان
رغم أن البصمات لم تكن معروفة كوسيلة للتعرف على الهوية وقت نزول القرآن، فإن ذكر البنان يشير إلى أهمية هذا الجزء في تحديد هوية الإنسان.
العلم الحديث أثبت أن البصمات فريدة لكل إنسان، وهي إحدى العلامات التي تميز البشر عن بعضهم.
4. سبق الحضارات القديمة
صحيح أن بعض الحضارات القديمة مثل بابل ومصر استخدمت بصمات الأصابع، لكن القرآن لم يدّعِ أنه أول من اكتشفها.
الفرق هو أن القرآن يشير إلى قدرة الله المطلقة على إعادة خلق الإنسان بدقة، وليس إلى استخدام البصمات كوسيلة تعريف.
5. التناسب بين الآية والهدف منها
الآية جاءت في سياق الرد على إنكار الكافرين للبعث، وذكرت البنان لأنه من أدق أجزاء الجسم، وليس بسبب الوزن الشعري كما يدعي الملحد.
استخدام كلمات مثل "عظامه" و"بنان" يعكس بلاغة القرآن في إيصال المعنى مع الحفاظ على الإعجاز اللغوي.
---
الخلاصة
1. الآية الكريمة في سورة القيامة تؤكد على قدرة الله على إعادة خلق الإنسان بكل تفاصيله، بما في ذلك أصغر أجزائه مثل البنان.
2. الحالات النادرة التي يولد فيها بعض الأشخاص بدون بصمات أصابع لا تنفي القاعدة العامة ولا تتعارض مع الآية.
3. القرآن ليس كتابًا علميًا، بل كتاب هداية، وذكر البنان يعبر عن الدقة في الخلق وليس عن تقديم معلومة علمية عن البصمات.
4. سبق الحضارات القديمة في استخدام البصمات لا ينفي إعجاز القرآن، لأن القرآن يتحدث عن قدرة الله وليس عن الاكتشافات البشرية.
الشبهات حول القرآن الكريم كثيرة، ولكنها غالبًا ما تعتمد على سوء الفهم أو الانتقائية.
الرد على الشبهات يحتاج إلى حكمة وعلم ودراسة متأنية للنصوص القرآنية.
ثق بأن القرآن كلام الله الحق، وكلما تقدم العلم زاد يقيننا بإعجازه.
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
Comments
Post a Comment